عندما وقع الجدب في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، خرج الصحابة يستسقون، وكان معهم العباس بن عبد المطلب عم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أمير المؤمنين في دعائه، اللهم إنِّا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، أي: كنا في حياته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نتوسل إليك يارب بدعائه.
فهو يدعو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو هم يطلبون منه الدعاء، وعلى أي حال: فطلب الدعاء من الْمُسْلِمِينَ بعضهم لبعض لا محذور فيه إن لم يتجاوز به قدره، ويعتقد في إنسان بذاته، ولم يتكل عَلَى دعاء غيره له، لكنك لو دعوت لي وأنا دعوت لك، فهذا لا حرج فيه لأنه من التعاون عَلَى البر والتقوى، وفي الحديث الصحيح {ما من عبد يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا وكل به ملك يقول: آمين، ولك مثل ذلك}.
فينبغي لنا أن نغتنم هذه الفرصة، وأن يدعو بعض الْمُسْلِمِينَ لبعض، وكان الْمُسْلِمُونَ ولا يزالون أهل الخير والتقى والصلاح يفعلون ذلك، لكن المحظور أن يستغني الإِنسَان عن التضرع إِلَى الله، والانكسار بين يديه، بالذهاب إِلَى أخ صالح أو فاضل يدعو له وهذا لا ينبغي؛ لأن الدعاء هو العبادة، فعلى الإِنسَان أن يتضرع إِلَى الله، ويبذل السبب، ولا بأس أن يستعين بدعاء أخيه له.